مطابقة، لأن فيها بيانًا لسبب نزول الآية الدالة على حكم من هزل بشيء فيه ذكر الله.
فوائد الحديث:
١ - بيان حال المنافقين وما تنطوي عليه نفوسهم من الحقد والغيظ على دين الله. وهذا كما هو موجود في المنافقين السابقين، موجود، وربما أشد، في منافقي زماننا الذين يحملون أسماء المسلمين، ويعيشون بين ظهرانيهم، وفي قلوبهم نقمة على دين الله، وأهله من العلماء، والدعاة، والمحتسبين، فتنضح قلوبهم، وألسنتهم، وأقلامهم، باللمز، والغمز، والطعن، وإرادة السوء. فهي حال تتكرر في كل جيل وقبيل؛ تجد أحدهم همزة لمزة، بطرق ملتوية، فإذا ضاقت به السبل، وافتضح، قال: أردت كذا وكذا، وبالغ بالاعتذار.
٢ - كفر من استهزأ بشيء فيه ذكر الله، أو آياته، أو رسله؛ فهؤلاء القوم ذموا رسوا لله ﷺ وأصحابه القراء؛ كما قال الراوي:"يعني رسول الله ﷺ وأصحابه القراء"، وطعنوا بهم بوصفهم الديني.
٣ - أن الإخبار والتبليغ عن أصحاب الفساد ليس من النميمة المحرمة. فإذا علم الإنسان أن قومًا يخططون لجريمة، أو يشيعون الفاحشة بين المؤمنين، أو يتجرون بالمخدرات، أو نحو ذلك من الأمور الضارة بالمجتمع، فالتبليغ عنهم واجب متحتم، وعبادة وقربة إلى الله ﷿؛ بخلاف المنكرات القاصرة، التي قد يكون الستر فيها مقدمًا. ولهذا لما أخبر النبي ﷺ فيما قاله بعض المنافقين، قال:"هذا الذي أوفى الله له بأذنه"(١)، أي: أنه نقل هذا القول. وأما النقل المحرم، فهو ما قُصد به المضارة؛ فمن سمَّع، سمَّع الله به، ومن ضارَّ، ضارَّ الله به، أما ما كان لدفع مفسدة عامة، فليس من النميمة، بل هو من النصيحة لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. فعلى الإنسان أن يميز بين الأمرين.
(١) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ [المنافقون: ٧] برقم (٤٩٠٦) ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار ﵃ برقم (٢٥٠٦).