هنا بمعنى الذي، والتقدير: باب حكم الذي هزل. وتحتمل أن تكون اسم شرط، و (هزل) فعل الشرط، ولم يذكر الجواب، وتقديره: فقد كفر، كما يدل عليه سياق الآيات والأحاديث. وهذا الباب مهم، والحاجة إليه داعية، لا سيما في أزمنة تجرأ فيها الملاحدة، والمنافقون، والسفهاء، على الله، ورسوله، وكتابه، وشرعه، ودينه، وكرام أمته، فيُحتاج إلى التذكير فيه. وقد وقع نظيره في زمن النبي ﷺ، وأنزل فيه آيات. والهزل: السخرية والاستهزاء.
قوله:"بشيء فيه ذكر الله" شيء: نكرة، فتعم كل شيء فيه ذكر الله؛ مما يتعلق بذاته، أو أسمائه، أو صفاته، أو شرعه، أو قدره. فيدخل في ذلك.
- من سخر من إثبات ما أثبت الله لنفسه من صفات الكمال، ونعوت الجلال، كالصفات الخبرية؛ الوجه، واليدين، والعينين، والساق.
- من سخر بأحكامه، كحدٍ من حدود الله،؛ الرجم، أو الجلد، أو القطع، كما قال أولهم:
يدٌ بخَمسِ مئين عسجَدٍ وُدِيَتْ … ما بالُها قُطعَتْ في ربعِ دينارِ؟ (١).
- من سخر بالقرآن، أو بسوره من سوره، فاتخذها مادة للهزؤ، كأن يقول في سورة الجن: هذا من الخرافات. وكذلك من لحّن القرآن على لحون الفساق، أو استشهد به لغير ما أنزل.
- من سخر من مقام النبي ﷺ، وسنته، كحديث الذباب:"إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الآخَرِ دَاءً"(٢)، و كقول النبي ﷺ في النساء أنهن "ناقصات عقل ودين"(٣)، واتخذها مادة للنقد والتنقص.
- من سخر بخلق الله للهوام، والحشرات، ونحو ذلك، وزعم أن ذلك عبث لا فائدة فيه.
(١) ديوان أبي العلاء المعري (ص: ٥٧٠). (٢) (أخرجه البخاري في باب: إذا وقع الذباب في الإناء، برقم (٥٧٨٢) (٣) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم برقم (٣٠٤) ومسلم في الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات برقم (٧٩، ٨٠).