للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا فقد تقدم في حديث عمر قول النبي : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"، وهذا يتناول كل محلوف به سوى الله، فيدخل فيه الآباء، لكنه خص الآباء بالذكر لفشوه بينهم.

قوله: "من حلف بالله فليصدق" هذا هو الواجب على الحالف؛ أن يصدق في يمينه، فإن هو كذب في يمينه، فقد استهان بجناب الله، حيث اتخذ هذا الاسم الشريف سلماً يرتقي به إلى عرض من الدنيا، أو يستدفع به أذى من الدنيا، وذلك لا يليق بمؤمن، لمنافاته للتوحيد الواجب. قوله: "ومن حلف له بالله فليرضَ" هذا هو الواجب على المحلوف له؛ أن يرضى، وهذا يشمل المنازعات، والخصومات التي تقع بين يدي الحاكم الشرعي، كما في قول النبي : "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه" (١)، ويشمل ما يقع في ماجريات الحياة اليومية بين الناس؛ حينما يحلف بعضهم لبعض تأكيداً؛ إثباتاً أو نفياً.

قوله: "ومن لم يرضَ فليس من الله" هذا من نصوص الوعيد؛ لأن فيه براءة "ليس من الله" أي: أن الله بريء منه، وبهذا يكون رد اليمين بالله ﷿ كبيرة من الكبائر، ينطبق عليها حد الكبيرة، فالكبيرة ما ترتب عليها حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو اقترن به لعن، أو غضب، أو براءة، وما أشبه ذلك.

وهذا الحديث رواه ابن ماجه بسند حسن، كما قال المصنف ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات" (٢)، وقد حسنه ابن حجر (٣).

مناسبة الحديث للباب:

مطابق للترجمة، لما فيه من الوعيد على من لم يقنع بالحلف بالله، وأن الله برئ منه.


(١) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه برقم (١٣٤١).
(٢) مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (٢/ ١٣٣).
(٣) فتح الباري لابن حجر (١١/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>