للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود؛ لعلمه أنهم يأخذون الرشوة، فاتفقا على أن يأتيا كاهن في جهينة فيتحاكما إليه، فنزلت: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ﴾ الآية [النساء: ٦٠] (١).

وقيل: نزلت في رجلين اختصما، فقال أحدهما: نترافع إلى النبي ، وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة، فقال للذي لم يرض برسول الله : "أكذلك؟ " قال: نعم، فضربه بالسيف، فقتله (٢).

الشرح:

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

عقد المصنف هذا الباب؛ لبيان أن من لوازم الإيمان التحاكم إلى الله ورسوله، وأن من ترك التحاكم إلى الله ورسوله، واستغنى عنهما بسواهما فقد ناقض أصل التوحيد، لمناقضته مقتضى شهادة: أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ الخطاب للنبي ، وهو استفهام للتعجب والإنكار؛ لأن حال هؤلاء المذكورين يقتضي العجب منهم، والنكير عليهم.

قوله: ﴿إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ﴾ أي: يدعون، وغالباً ما يستخدم الزعم في الدعاوى المكذوبة، أو فيما يكون موضع مسائلة وتهمة، وربما عُبِّر بالزعم عن الخبر المجرد.

قوله: ﴿أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ هو القرآن العظيم.

قوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ أي: التوراة والإنجيل.

قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾ هذه إحدى صفاتهم: وهي


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر برقم (٩٨٩١) وتفسير البغوي - إحياء التراث (١/ ٦٥٤) وتفسير القرطبي (٥/ ٢٦٣) وأسباب النزول للواحدي (ص: ١٠٧).
(٢) تفسير البغوي - طيبة (٢/ ٢٤٢) وأسباب النزول للواحدي، ت: الحميدان (ص: ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>