الخامسة: تغير الأحوال إلى هذه الغاية، حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، وتُسمى الولاية، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه، ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من دون الله من ليس من الصالحين، وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين.
هذا من عميق فقه المصنف ﵀، وإدراكه للواقع في زمانه: وأن هذا الأمر تمادى بالناس حتى صار كثير من عامة المسلمين يعظم الخرافيين من أرباب الطرق الصوفية ويسيدونهم، ويسمونها (ولاية)، وصار طائفة من المسلمين يقعون في التعصب المذهبي، فيقدمون أقوال الرجال، على قول الله، وقول رسوله ﷺ، ويسمونه (تمذهب). فمثل هذه الشائبة قد وقعت في هذه الأمة، وهو مصداق قول النبي ﷺ:"لتتبعن سنن من كان قبلكم"(١).
(١) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي ﷺ: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" برقم (٧٣٢٠) ومسلم في كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى برقم (٢٦٦٩).