للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوائد الأثر:

١ - تحريم التقليد على من بلغه الدليل.

٢ - جواز التقليد لمن لا يعرف الدليل؛ لأن الإمام أحمد إنما عجب من حال من عرف الإسناد وصحته، فدل ذلك على أن من لم يعرف الإسناد وصحته، كالعامي، وأخذ برأي إمام معتبر، فلا تثريب عليه.

٣ - الرد على من قال: لا إنكار في مسائل الخلاف، والصواب أن يقال: لا إنكار على المجتهد، فالإنسان إذا اجتهد بأدوات الاجتهاد المعروفة، وأداه اجتهاده إلى نتيجة معينة، فلا ينكر عليه؛ لأنه قصد إصابة الحق، وطاعة الخالق سبحانه، فنحمده على اجتهاده، ولو كان مخالفاً للحق.

أما دعوى عدم الإنكار في مسائل الخلاف فليس صواباً؛ لأنه ما من مسألة فرعية إلا وفيها خلاف، فكأنه بذلك يوصد باب الترجيح، وطلب الحق بدليله، وتسويغ تتبع الرخص. وما زال الأئمة الكبار المتبوعون يعظمون شأن الإتباع، وعدم التعصب، ومن أقوالهم في ذلك:

١ - قال الإمام أبو حنيفة : "إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى الرأس والعين، وإذا كان عن الصحابة اخترنا من قولهم، وإذا كان عن التابعين زاحمناهم" (١) لأن الصحابة - رضوان الله عنهم- شهدوا التنزيل، وعلموا التأويل بفضل صحبتهم النبي .

٢ - وقال الإمام مالك : "كلٌّ مأخوذ من قوله ومتروك، إلاَّ صاحب هذا القبر" (٢)؛ أي: قبر النبي ؛ لأنه كان يقول ذلك في مسجد رسول الله ، ويشير إلى قبره.

٣ - وقال الإمام الشافعي : "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس" (٣). وقال أيضاً:


(١) الجامع الصغير - عبد الحي اللكنوي (ص: ٤٢).
(٢) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٥/ ٣٥٩).
(٣) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٢/ ٢٨٢) وهذا المعنى قرره في الرسالة بأكثر من لفظ، في مواضع متعددة.

<<  <  ج: ص:  >  >>