للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح:

قال المصنف : "باب: ما جاء في الاستسقاء بالأنواء" أي: من الوعيد والزجر، والاستسقاء: طلب السقيا، والأنواء: جمع نوء، وهي منازل القمر؛ وذلك أن للقمر منازل، كما قال الله ﷿: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس: ٣٩] فله في الشهر ثمان وعشرون منزلاً، ينزل في كل ليلة منزلاً، وأهل المعرفة بالنجوم يقولون: إذا مكث النجم ثلاثة عشر ليلة غاب، وطلع رقيبه.

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

نسبة نزول المطر إلى غير الله ﷿ من الشرك الأكبر، المنافي للتوحيد، لأنه شرك في الربوبية، وسؤاله من غير الله، شرك في الألوهية.

قوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ أي: تجعلون حظكم ونصيبكم التكذيب، كأنه لم يكن لكم حظ ولا نصيب إلا كفر تكذيب النعمة، فكان أهل الجاهلية، أنه إذا غاب نجم وظهر رقيبه، قالوا: نمطر بنوء كذا وكذا، وإذا وافق ذلك مطراً قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا. وكان ينبغي لهم أن يشكروا نعمة المنعم على إنزال المطر، ولكنهم عكسوا القضية، ونسبوا النعمة إلى الكواكب، فما أضلهم، وأخسر صفقتهم!

فوائد الآية:

١ - بطلان نسبة نزول المطر إلى الأنواء.

٢ - أن نسبة نزول المطر إلى النوء منافٍ لشكر نعمة الله.

٣ - أنه كذب من وجهين؛ لأنه إخبار بخلاف الواقع، ولأنه تكذيب بالنعمة، وجحد للمنعم.

٤ - وجوب شكر نعمة الله ﷿؛ فالشكر عبادة عزيزة، فكثير من الناس يحسن عبادة الصبر، وقليل منهم يحسن عبادة الشكر؛ ولهذا قال ربنا ﷿: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]. فحين تحل البلايا والرزايا يفزع العبد إلى ربه ويدعوه، ولا شك أن هذا عبادة، ثم إذا أنعم عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>