للتوحيد، فقال:"لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر" فالمناسب أن يكون المراد التشاؤم بشهر صفر.
وبعض الناس يداوي العلة بعلة، ويقابل البدعة ببدعة، فإذا ذكر صفر قال: صفر الخير، ولا يصح أن نقول: صفر الخير، ولا صفر الشر! فإن صفر ظرف زمان، وشهر من أشهر الله ﷿، لا يضاف إلى خير ولا إلى شر، إلا بدليل، بخلاف شهر رمضان، فنقول: المبارك؛ لأن بركته ظاهرة بشرعية الصيام، وإنزال القرآن، فلا نعلق بشهر وصفاً لم يعلقه الله تعالى به.
قوله في زيادة مسلم:"ولا نوء"" سيأتي باب ما جاء في التنجيم، وباب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء، والمراد هنا نفي اعتقاد تأثير الأنواء بنفسها.
قوله: "ولا غُول" الغول: بالضم، واحد الغيلان، وهو نوع من الجن والشياطين، تتراءى للمسافرين، وتغولهم، أي: عن الطريق؛ ولهذا نهى النبي ﷺ أن يسافر الرجل وحده، فقال: "الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة رَكْب" (١)، فإنه قد يعرض له شيء من هذه الأمور المخوفة، وهذا أمر تواتر الناس على حكايته من خلال أسفارهم؛ أنه يظهر لهم. فالذي نفاه النبي ﷺ اعتقاد كونها تُؤثر بنفسها، فلا يمكن أن تُستقل بالتأثير على أحد، أو تهلكه دون الله ﷿. فكل هذا النفي من النبي ﷺ تقويةٌ وتعزيزٌ لنفوس المؤمنين، فلا تتلاعب بهم الأوهام، ولا تصرفهم عن مصالحهم.
مناسبة الحديث للباب:
ظاهرة، لما فيه من التصريح بنفي الطيرة، المتضمن للنهي عن التطير.
فوائد الحديث:
١ - أن هذه الأمور الستة، المنفية، وما في حكمها، لا تُؤثر استقلالاً.
(١) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده برقم (١٦٧٤) وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده برقم (٢٦٠٧) والنسائي في السنن الكبرى في كتاب السير النهي عن سير الراكب وحده برقم (٨٧٩٨) وحسنه الألباني.