للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٠٢]، وإنما سوغ ما ينفع. واختلاف الاصطلاحات لا يغير الحقائق، فلو سمي الساحر "معزِّمًا" أو غير ذلك، فالحكم واحد.

لكن قد يطلق بعضهم النشرة على ما لا يدخل في حدها، فإن النشرة: حل السحر بسحر مثله، فلو قصد من يدله على موضع السحر، أو يستخرجه له، دون أن يحله بسحر، فإن ذلك لا يدخل، بالضرورة، في النشرة الشيطانية، وإنما يلتحق بمسألة الاستعانة بالجن، وهل يمكن أن تقع على وجه غير شركي، أم لا.

قوله: "وروي عن الحسن قال: "لا يحُل السحر إلا ساحر" هذا من الحسن حكم بمنع النشرة، إذا وقعت على سبيل السحر؛ إذ السحر محرم، منهي عنه، ومن موارد الشرك بالله، فلا يقدر على حل السحر إلا ساحر، والساحر لا يمكن أن يؤدي عمله إلا بالاستعانة بالشياطين، وذلك ممنوع.

فأراد المصنف من نقل هذه النصوص أن يُبيّن اختلاف المنقول عن السلف في جواز النشرة، التي هي حل السحر عن المسحور، فظاهر كلام سعيد بن المسيب: الجواز، وظاهر كلام الحسن: المنع، ثم عقّب على ذلك بكلام جامع مبين، لابن القيم يرفع هذا الإشكال، حيث قال ابن القيم: "النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:

الأول: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.

والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز" (١).

وهذا هو فصل الخطاب في هذه المسألة، فيقال النشرة نوعان:

أحدهما: ما وقع على سبيل الشرك بالله، والتقرب للشيطان، من قبل الناشر والمنتشر، فهذا لا يحل بحال؛ لقوله: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٤/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>