كتب إليهم، أو اتصل بهم هاتفياً، فكل ذلك يدخل في الوعيد. وهؤلاء الأفاكون أخس طبقات الخلق قاتلهم الله؛ لأنهم يموهون على الناس، ويلبسون عليهم، ويزيدونهم رهقاً. ومما وقع في السنوات الأخيرة، وسمعناه من عديد من الناس؛ رجالاً ونساءً: أنه يتصل بهم أشخاص مجهولون من بلاد إفريقية، بطريقة عشوائية، فيقول قائلهم: أنا ولي الله فلان! وقد ساقني الله إليك لأنقذك، أنت مسحور منذ عدة سنوات، وأنت لا تعلم، ألست تعاني من كذا وكذا، ويذكر أموراً مما يشترك فيها البشر من المعاناة، وضيق الصدر، والاكتئاب، وحصول بعض الأعراض الصحية، فيصدق هذا المسكين ويقول: صحيح، كيف علمت؟ فيقول: لي أصحاب من الجن الصالحين يخبرونني، وسحرك مدفون في مكان أعرفه، وربما قال: في قبر من القبور، أو ملقى في البحر، وخدمي من الجن، يمكن أن يستخرجوه، ويتلفوه، وينقذوك من شره. فحول لي مبلغ كذا وكذا على هذا الحساب، إن أردت السلامة. وبعض ضعاف النفوس يصدقهم، وينساق خلفهم، ويدعو لهم، ويذهب يحدث أهله، بأنه عرف علته، وينفذ شرطه، فلا يزال يبتزه، ويأكل ماله بالباطل، ولا يغني عنه شيئًا. فيجب تحذير الناس من هؤلاء الأفاكين، المتسلطين على ضعاف العقول والدين.
ومن ذلك: ما يوجد في بعض المجلات ما يُسمى بالبروج، فيقولون: المولود في برج كذا وكذا، يحصل له حادث سعيد، أو غير سعيد، على سبيل التخمين، والرجم بالغيب. فلا تجوز مطالعة هذه الصفحات، والمواقع، فضلاً على أن يعتقد صحة ما فيها. فدين الإسلام قائم على البينة، لا على الظنون والأوهام، ولا مجال فيه لمغرض أن يفسد العقول، والقلوب، ويسلب الأموال.
قوله:"وعن عمران بن حصين ﵁ مرفوعاً: "ليس منا" " هذا التعبير النبوي المراد به: أنه لا يفعل هذا من كان على سنتنا وطريقتنا، فهو من الألفاظ الدالة على التبرؤ من فاعله، وأن فعله من الكبائر.
قوله:"من تطير" أي: فعل الطيرة، وسيفرد المصنف باباً عن التطير والطيرة. والمقصود بالتطير بوجه عام: التشاؤم، وأصله من التشاؤم بالطير، ثم صار أوسع من ذلك.