- التقوى: فإن التقوى فرقان: يفرق الله تعالى به بين الحق والباطل.
- العقل، فقد يمن الله تعالى على بعض عباده بعقل راجح، يتبين به مآلات الأمور.
- الخُلق، فإن الخلق الكريم، والمروءة تحول بين العبد وبين الزلل والخطأ.
فهذه العواصم الخمس إن اجتمعت لعبد، فذلك أعلى الكمال؛ يعصمه الله تعالى من الخطأ والضلال في حق نفسه، وفي حق عباده، وإذا فقد العبد جميعها، فهو أضل الضالين، وأهلك الهالكين. وبين هذين الطرفين مضمار واسع، يتفاوت فيه الناس، نسأل الله أن يعصمنا بعصمته.
العشرون والأخيرة: أن سبب فقد العلم: موت العلماء.
لأنه لما مات قبض الجيل الأول، ونسي العلم، وقع المحذور من الشرك بالله تعالى، فيرجع الأمر إلى موت العلماء، كما جاء مصرحاً به في الحديث:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"(١)، فهذا يدل على منزلة أهل العلم، لأنهم يُمسِّكون بالكتاب، ويحفظ الله بهم الملة، وينبغي ألا يكون العلم محبوسًا في السطور، بل يكون في الصدور، كما قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [العنكبوت: ٤٩]، ثم يظهر من الصدور إلى الجوارح، حتى يكون علماً حقيقياً نافعاً مباركاً، وهذا هو حال العلماء الربانيين.
(١) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم برقم (١٠٠) ومسلم في العلم، باب رفع العلم وقبضه برقم (٢٦٧٣).