للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: قال رسول الله : (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" (١).

ولمسلم: عن ابن مسعود أن رسول الله قال: "هلك المتنطعون" قالها ثلاثاً (٢).

الشرح:

كان بنو آدم على ملة واحدة، هي التوحيد، كما قال الله ﷿: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: ٢١٣]، فوقعوا في الشرك بسبب الغلو في الصالحين. والغلو: مجاوزة الحد، وهو بمعنى: الإفراط، فكلُّ مجاوزة للحد؛ سواء كان في القول، أو الاعتقاد أو العمل، فإنه يُعد غلواً. والمراد "بالصالحين" جمع صالح، فيتناول عند الإطلاق جميع أصناف المؤمنين، والأنبياء، والصديقين، والشهداء. أما عند الاقتران، فالصالحون هم: الممتثلون لأوامر الله، المجتنبون لمناهيه.

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

لما كان الشرك نقيض التوحيد، ناسب أن يعقد المصنف باباً يذكر فيه السبب الذي أوقع بني آدم في الشرك، بعد أن كانوا على التوحيد؛ ليُحذر ذلك الأمر ويجتنب، ولا يقع الناس فيما وقع فيه أسلافهم.

قوله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ هذا نداء من الله ﷿ إلى أهل الكتاب، وأهل الكتاب المراد بهم حصراً: اليهود والنصارى، ومما يدل على ذلك قول الله ﷿: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا


(١) أخرجه بنحوه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب قدر، حصى الرمي برقم (٣٠٢٩) وصححه الألباني.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون برقم (٢٦٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>