قوله:"وأبى أن يقول: لا إله إلا الله" وهذا يدل على أن العرب كانوا يعرفون دلالات الألفاظ، ومقتضياتها، بخلاف حال الناس اليوم، فليست المسألة مجرد كلمة تقال، فالعربي يعلم أن قول: لا إله إلا الله، يعني: الكفر بالطواغيت، وباللات والعزى ومناة وهبل، وغير ذلك، ويقتضي الدينونة لله وحده.
قوله:"فقال النبي ﷺ: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" " حلف النبي ﷺ، فاللام لام القسم، وبعدها نون التوكيد الثقيلة، واستثنى، فقال:"ما لم أنه عنك"، وقد كان.
قوله:"فأنزل الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ [التوبة: ١١٣] ". فقوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ أي: لا ينبغي له، وليس من شأنه، وحاشاه. وهذا أبلغ من أن يقول:"لا تستغفروا للمشركين". ومثلها في الدلالة قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤]. فهذا التوحيد الخالص يلغي جميع الروابط، والعلائق، والوشائج، سوى رابطة الإيمان، فإذا تعارضت هذه الروابط مع رابطة الإيمان بطلت. وإن لم تتعارض لم يزدها الإيمان إلا قوة وتوثيقًا.
قوله: "وأنزل الله في أبي طالب: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾، وهذا صريح في سبب النزول. والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
مناسبة الحديث للباب:
القصة مطابقة لترجمة الباب، لأنها سبب نزول الآية وتفسير لها، وأن النبي ﷺ على عظم قدره، ومنزلته عند ربه، لا يملك لعمه الأحب، الأقرب نفعاً، فكيف يطلب النفع من غيره؟!
فوائد الحديث:
١ - جواز عيادة المريض الكافر إذا رجي إسلامه، وقد كان النبي ﷺ يفعل