للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال المصنف : "في الصحيح" المراد هنا: صحيح البخاري.

قوله: "إذا قضى الله الأمر" " أي: تكلم به، فالمقصود: بقضائه هنا: تَكَلُّمُهُ به؛ كما قال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠] فقضاؤه يكون بالتكلم بما يريده سبحانه، كما سيأتي مفسراً في الحديث الذي بعده.

قوله: "في السماء" لأنه في السماء، سبحانه وبحمده، كما قال: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: ١٦، ١٧]. والمراد: على السماء.

قوله: "ضربت الملائكة" الملائكة: جمع ملك، وأصله مألك من الألوكة، وهي الرسالة. وهم عالم غيبي، خلقهم الله من نور، وسخرهم في عبادته، وتسبيحه، وتقديسه، ومنحهم القوى الخارقة على تنفيذ أمره، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، بل هم: ﴿عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٢٦ - ٢٩]

قوله: "بأجنحتها خَضَعاناً لقوله" بفتح الخاء والضاد، ويصح بضم الخاء وتسكين الضاد. أي: تذللاً وخضوعاً لكلامه الذي صدر منه سبحانه وبحمده.

قوله: "كأنه سلسلة على صفوان، ينفذهم ذلك" هذا ليس تشبيهاً لصوت الرب ، ولكن تشبيه للنفاذ بالنفاذ؛ تشبيه لنفاذ الصوت فيهم، بنفاذ صوت السلسلة على الحجر الأملس. والسلسلة هي الحلق الحديدية المتصلة. فإذا ضربت السلسلةُ الصفوانَ صدر صوت حاد، ينفذ في تكوينهم وخلقتهم، كما ينفذ صوت السلسة على الصفوان في بدن ابن آدم، لحدته ومضائه.

ومن المعلوم: أن الأصوات، والمرئيات، يكون لها تأثير متفاوت في الأجسام، قال تعالى في المرئيات: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٠] فهذه الأشعة تؤثر على النظر؛ لأنها فوق طاقته المعتادة، فكذلك الصوت يؤثر في

<<  <  ج: ص:  >  >>