للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح:

يقول المصنف : "باب: قول الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣] " هذه الآية تبين حال الملائكة حينما يتكلم الله بالوحي، وما يلحقهم من جراء ذلك من فزع عظيم، وخوف ورهبة، من المتكلم ، كما سيأتي مفسراً في الحديثين بعده.

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

مناسبة عظيمة، وهي أنه إذا كان هؤلاء الملائكة الكرام العظام الكبار العارفين بالله، القريبين منه، يدركهم هذا الفزع، من جراء سماع كلام الله ﷿، فكيف يتعلق بهم المشركون؟! فالأولى أن يتعلقوا بخالقهم، وموجدهم، سبحانه وبحمده.

قوله ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ﴾ معنى (فُزِّع عن) أي: زال عنها الفزع الذي حصل لهم جراء سماعهم لكلام الله ﷿، كما سيأتي، في حديثي أبي هريرة، والنواس بن سمعان، .

قوله: ﴿عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ هذا يدل على أن الملائكة خلق حقيقي لهم قلوب، وليسوا مجرد قوى معنوية، كما زعم بعض العصرانيين العقلانيين، بل خلقهم الله تعالى من نور، ولهم أجنحة، كما قال الله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ [فاطر: ١] وقد ثبت أن النبي رأى جبريل في صورته التي خلقه الله عليها مرتين، له ستمائة جناح، قد سد الأفق (١)، وقال: "أُذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" (٢)، ومع أن


(١) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة والنجم برقم (٣٢٧٨) وقال الألباني: "ضعيف الإسناد" وأحمد ط الرسالة برقم (٣٧٤٨) وقال محققو المسند: "إسناده ضعيف" وهو في الصحيحن دون "قد سد الأفق".
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في الجهمية برقم (٤٧٢٧) وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>