للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاشرة: لعن المعين في القنوت.

لرواية: "اللهم العن فلاناً وفلاناً" فإن أراد المصنف أن هذا أمر وقع، ثم نهي عنه فلا إشكال، وإن أراد أنه يُستفاد من هذا جواز لعن المعين في القنوت، ففيه نظر؛ لأن النبي نهى عن ذلك، فلا يجوز لعن المعين، بخلاف الدعاء عليه؛ لأن الدعاء أوسع؛ واللعن دعاء بالطرد والإبعاد عن رحمة الله، لكن اللعن على سبيل العموم جائز، كما تقدم، كأن يقول الإنسان: اللهم العن الكفرة، اللهم العن اليهود والنصارى، اللهم العن الله من غير منار الأرض، ونحو ذلك، فاللعن بالوصف جائز فيما ورد، أما اللعن بالشخص، فلا يجوز.

الحادية عشرة: قصته لما أنزل عليه: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾.

وقد تقدم بيان القصة، وتمامها: أن النبي قال: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذباً، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" قال أبو لهب: تباً لك، ما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: ١] (١).

الثانية عشرة: جدّه في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، وكذلك لو يفعله مسلم الآن.

أي: جده في امتثال أمر ربه، فلم يحل بينه وبين تنفيذ الأمر مخاوف وتحسبات، بل مضي في أمر ربه، وفي هذا تنبيه لمن يباشر الدعوة إلى التوحيد، أنه قد ينسب إلى الجنون، أو غير ذلك من ألقاب السوء، فليحتمل كما احتمل نبي الله .


(١) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ برقم (٤٩٧١) ومسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ برقم (٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>