للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثامنة: أنه لا يجوز الوفاء لمن نذر في تلك البقعة؛ لأنه نذر معصية.

لأن النبي لم يرخص له، إلا لما انتفى المحذور، فهذا هو المنطوق، فدل المفهوم على أنه لو كان خلاف ذلك لما رخص له، بل سيمنعه من ذلك.

التاسعة: الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم، ولو لم يقصده.

هذا يُؤخذ من قوله: "هل كان فيه عيد من أعيادهم؟ " فدل على أن أهل الإسلام لهم شارة وميزة خاصة، لا يصلح أن يكونوا ذيلًا لغيرهم، ولا رجع الصدى لهم، بل ينبغي أن يتميزوا بما ميزهم الله تعالى به، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، فلا يكونوا مجرد انعكاس لليهود والنصارى والذين لا يعلمون، بل يعتزوا بدينهم وقيمهم وأخلاقهم وعباداتهم وعاداتهم الكريمة، ولا يتلقفوا عادات المشركين وأحوالهم.

ونبَّه المصنف على مسألة مهمة، تلتبس على كثير من الناس، وهي أنه ليس من شرط تحريم التشبه القصد. فالتشبه عمل محرم لذاته، ولو لم يقصد فاعله التشبه.

العاشرة: لا نذر في معصية.

هكذا عبّر المصنف في هذه المسألة العاشرة فقال: "لا نذر في معصية" لكن لفظ النبي : "لا وفاء في نذر" وبينهما فرق، فإذا قيل: لا نذر في معصية، فالمعنى: أن النذر لا ينعقد، وإذا قيل: لا وفاء، فالمعنى: أن النذر ينعقد، لكن لا يوفى به، وقد وردت السنة بهذا وبهذا، لكن: "لا نذر" يحمل على أن المراد لا وفاء لنذر؛ لقوله في الحديث الصحيح: "ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه" (١).


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك وفي معصية برقم (٦٧٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>