قوله:"باب من الشرك"(من): هنا تبعيضية، أي: بعض أنواع الشرك، وقد أطلق المصنف وصف "الشرك" فيحتمل أن يكون شركاً أكبر، ويحتمل: أن يكون شركاً أصغر.
قوله:"لبس الحلقة والخيط" والحلقة: تطلق على كل شيء مستدير؛ ولهذا يقال عن القوم المتحلقين لقراءة القرآن أو للعلم: حلقة علم، وحلقة قرآن، ولكن الذي يُلبس هو ما كان من معدن كذهب أو فضة أو صُفر -أي: نحاس-، أو نحو ذلك. وأما الخيط: فهو معروف، ويكون من الصوف أو الكتان أو الحرير أو غير ذلك من أنواع الأنسجة.
قوله:"ونحوهما" أي: من المعلقات، والمرصعات، وغير ذلك، فكل شيء يُتخذ سواء في اليد أو على الرقبة، أو يشد على الخصر مثلاً، أو يوضع في أي موضع، دخل في ذلك، وليس الأمر مقتصراً على الحلقة والخيط، وإنما أراد به التمثيل؛ لأن أكثر ما يقع من هذا القبيل.
قوله:"لرفع البلاء أو دفعه" الفرق بين الرفع والدفع:
١ - الرفع: يكون بعد الوقوع.
٢ - الدفع: يكون قبل الوقوع.
والدفع أسهل من الرفع، فمدافعة الشيء قبل أن يتمكن، ويرسخ، أهون من رفعه واجتثاثه بعد وقوعه. فأراد المصنف ﵀ بهذه الترجمة أن يُبيّن نوعاً من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وصورة من صوره، وهو ما يقع من بعض الناس من لبس الحلقة والخيط ونحوهما، بنية رفع البلاء أو دفعه.
مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
لما ختم المصنف ﵀ باب تفسير التوحيد وشهادة: أن لا إله إلا الله، بقوله:"وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب" أفاد أن الأبواب التالية، ومنها هذا الباب، شرح تطبيقي لحقيقة التوحيد، وما ينافيه من الشرك، على سبيل التفصيل. وذلك لأنه يتضمن ذكر ما يضاد التوحيد إما مضادة تامة لأصله، وإما لكماله الواجب.