ويرقب أبو شامة هذه الأحداث، ويتألم منها كما تألم شيخاه، غير أنه أثر ألا يجهر بإنكاره، فعلى بعد خطوات منه في المدرسة العادلية كان يقبع القاضي رفيع الدين الجيلي، يد الصالح إسماعيل التي يبطش بها، فلم يجد إلا أوراقه يبثها ألمه، فكتب في تاريخه في حوادث سنة (٦٣٨ هـ/ ١٢٤٠ م): «وفيها سلم حصن شقيف أرنون إلى الفرنج - خذلهم الله تعالى - سلطان دمشق، وأنكر ذلك عليه شيخا الشافعية والمالكية بدمشق ابن عبد السلام وأبو عمرو، فعزل ابن عبد السلام عن خطابة دمشق بذلك السبب، وسجنا بقلعة دمشق، وتولى الخطابة بجامع دمشق والتدريس بالزاوية الغربية خطيب بيت الأبار عماد الدين داود بن عمر بن يوسف المقدسي الشافعي»(١).
ويتوفى والده إسماعيل، فيلجمه الغم عن الكتابة فيه إلا بضع كلمات، يقول فيها:«في ثالث عشر ربيع الأول توفي والدي ﵀، ودفن على أبيه بباب الفراديس»(٢).
ويتوفى فيها كذلك علم التصوف الشيخ محيي الدين بن عربي، فيقتضب الحديث عنه بكلمات تدل على عدم صلته به، ولا تحمل في طياتها مدحا ولا ذما، ولا إعجابا ولا نفورا، فهل آثر أن يتريث في أمره، وبخاصة أنه كان على علاقة مع ابنه سعد الدين محمد (٣)؟ فقد كتب فيه: «وفي الثاني والعشرين من ربيع الآخر توفي بدمشق المحيي بن العربي، واسمه محمد بن علي بن محمد بن العربي، أبو عبد الله الطائي الحاتمي، قرأته من خطه، ودفن بمقبرة القاضي محيي الدين بجبل قاسيون، حضرت الصلاة عليه بجامع دمشق يوم الجمعة، وشيعته إلى الميدان بسوق الغنم، وكانت له جنازة حسنة، وله تصانيف كثيرة، وكانت عليه سهلة، وله