اختلف منهج أبي شامة في مذيله تبعا لاختلاف المرحلتين من تأليفه كما بينت (١)، ففي جزئه الأول - وهو يمثل المرحلة الثانية من تأليفه، التي تضم حوادث سنة (٥٩٠ هـ/ ١١٩٤ م) حتى سنة (٦٢٤ هـ/ ١٢٢٧ م) - كان أبو شامة يتكئ في كثير من أخباره وتراجمه على من سبقه من المؤرخين ممن عاصر أحداث تلك السنين (٢)، وكان يلم بالحدث من جوانبه كلها، ويطول النفس في بعض تراجمه، مستقصيا في المترجم كل ما يعرف عنه كي يتيح لنا معرفته معرفة تامة، مثل ترجمته لأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي عمر والعماد المقدسيين، وعبد الله اليونيني، وفخر الدين ابن عساكر، وموفق الدين ابن قدامة، وقد احتفظ لنا في هذا الجزء بنقول عن «مرآة الزمان» لسبط ابن الجوزي لم تصل إلينا في مختصره لقطب الدين اليونيني (٣).
فأبو شامة في هذا الجزء مؤرخ محترف، يجمع مادته وينتقيها وينسقها، ويضيف إليها من مشاهداته، وما سمعه من شيوخه، ثم يصوغها مرتبة على السنين،
(١) انظر ص ٤١٣ من هذا الكتاب. (٢) انظر ص ٤١٣ - ٤١٥ من هذا الكتاب. (٣) انظر «المذيل»: ١/ ١٦٠، ١٩٥.