كان للشعر النصيب الأوفى في «كتاب الروضتين»، وقد أودع فيه أبو شامة كثيرا من القصائد والمقطعات التي لولاه لضاعت فيما ضاع من تراثنا الشعري، ويتبدى فيما أورده ولعه به، وتذوقه له، وإدراكه أهميته في الكتابة التاريخية، فقد ألقت هذه القصائد والمقطعات ظلالها على الكتاب بما بثته من مشاعر وأحاسيس وآمال، جعلت الحدث التاريخي ينبض بالحياة ونحن نعايش تلك القلوب التي عاصرته، وانفعلت به، فإذا بنا فيه، وقد نقلنا إليه أبو شامة بحس المؤرخ ورهافة الأديب. وأكاد أجزم بأني لم أر مؤرخا توسع في إيراد الشعر في كتابه كما فعل أبو شامة، ولعل مما سهل ذلك عليه اختصاره جملة من دواوينه (١).
وأول ما يلفت نظرنا أن أبا شامة - وهو المؤرخ - لم يكن يثبت منه في كتابه إلا ما تحقق من نسبته إلى قائله، فحين يسوق بيتي أسامة ابن منقذ في الضرس: