لما كان من شرط أبي شامة في «كتاب الروضتين» أن يؤرخ لدولتي نور الدين وصلاح الدين (١)، مبينا فيه السياسة التي انتهجاها في إقامة فرض الجهاد، وتخليص البلاد من أيدي الكفرة، والنظر في مصالح العباد (٢)، قاصدا من وراء ذلك أن يقف عليه من الملوك من يسلك في ولايته ذلك السلوك (٣)، رأى أن يفتتح كتابه بذكر مناقب نور الدين، فيذكر من أحواله ما يستدل به على أفعاله (٤)، وقد قدم لها بترجمة موجزة له، خطها المؤرخ الكبير ابن عساكر في «تاريخ دمشق»، وهو ممن عاصره ولازم مجالسه، وذكر فيها ما افتتحه من البلاد، وما بناه من المدارس (٥)، مكونا بذلك صورة مجملة عنه نابضة بالحياة، مما يهيئ عقل القارئ لما سيأتي من أخباره، خاتما تلك الترجمة بقول ابن عساكر: «وكان حسن الخط، كثير المطالعة للكتب الدينية، متبعا للآثار النبوية، مواظبا على الصلوات في الجماعات، عاكفا على تلاوة القرآن، حريصا على فعل الخير، عفيف البطن والفرج، مقتصدا في