للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنفاق، متحريا في المطاعم والملابس، لم تسمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره، وأشهى ما إليه كلمة حق يسمعها، أو إرشاد إلى سنة يتبعها» (١).

«وقد كان الملوك قبله كما يذكر ابن الأثير - يعيشون في جاهلية، هم أحدهم بطنه وفرجه، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا» (٢).

فلا غرابة أن يترقى نور الدين إلى مصاف الخلفاء الراشدين، وعمر بن عبد العزيز، كما يشهد بذلك ابن الأثير، وهو ممن عاصر نور الدين (٣).

هذا السلطان الذي زهد في أموال رعيته، وانصرف إلى تحري العدل والإنصاف فيهم، ورفع راية الجهاد ضد الصليبيين الذين اغتصبوا البلاد، هو مثال الحاكم المسلم الذي يتطلع أبو شامة إلى مجيئه كي يعيد أمجاد الأمة، ويخلصها من سلاطينها وملوكها الذين عاصرهم، وقد انقلب أكثرهم إلى سيرة من كان قبل نور الدين من الملوك، هم أحدهم بطنه وفرجه، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا.

ومن ثم لا يخفي أبو شامة محبته لنور الدين كلما سنحت له سانحة (٤)

وبعد أن يفرغ من سرد مناقبه، يثني بما مدحه به شعراء عصره، وإن كانت أوصافه فوق ما مدح به (٥)، فيستعرض قصائد أنشدها فيه ابن القيسراني، وابن منير الطرابلسي، وهما في عصره بمنزلة الفرزدق وجرير في عصرهما (٦)، وما كان نور الدين ممن يستخفه ذلك المديح، فقد كان قليل الابتهاج بالشعر (٧).


(١) «كتاب الروضتين»: ١/ ٣٣.
(٢) «كتاب الروضتين»: ١/ ٣٧.
(٣) «كتاب الروضتين»: ١/ ٣٣.
(٤) انظر «كتاب الروضتين»: ١/ ٢٧، ٣٧، ٥٥، ٧٨، ولا ننسى أن أبا شامة سمى أحد أولاده باسم نور الدين، انظر ص ٣٠٨ من هذا الكتاب.
(٥) «كتاب الروضتين»: ١/ ٧٨.
(٦) «كتاب الروضتين»: ١/ ٢٩٣.
(٧) «كتاب الروضتين»: ١/ ٩٢.

<<  <   >  >>