ألمعنا فيما سلف إلى أن أبا شامة حين انتقل من القراءة في التاريخ إلى التدوين فيه خطر له أن يؤلف كتابا في التأريخ لوقائع عصره (١)، وذلك سنة (٦٢٤ هـ/ ١٢٢٧ م) وكان في نحو الخامسة والعشرين من عمره، وهي السنة التي توفي فيها الملك المعظم عيسى بن العادل (٢)، بيد أنه لم يباشر تدوينه حتى سنة (٣)(٦٢٦ هـ/ ١٢٢٩ م). وقد افتتحه بأهم حدثين وقعا في سنة (٦٢٠ هـ/ ١٢٢٣ م)، وهما فجيعة الناس فيها بوفاة إمامين جليلين من أئمة دمشق: شيخ الشافعية فخر الدين ابن عساكر، وشيخ الحنابلة موفق الدين ابن قدامة (٤).
ثم راح يدون ما جرى بعدهما من الوقائع مما هو مستحضره حتى آخر سنة (٦٢٤ هـ (٥) / ١٢٢٧ م).
وابتداء من سنة (٦٢٥ هـ/ ١٢٢٨ م) أطلق لقلمه العنان في التأريخ لما جرى في زمانه مما عاينه، أو بلغه مما استثبته، ذاكرا في كل سنة من مات بها من المعارف
(١) انظر ص ٣٥٢ من هذا الكتاب. (٢) انظر «المذيل على الروضتين»: ١/ ٢٣ - ٢٤، وص ٦٩ من هذا الكتاب. (٣) انظر ص ٨٢ - ٨٣، و ٢٧٩ من هذا الكتاب. (٤) «المذيل»: ١/ ٢٤، ٢٦. (٥) «المذيل»: ١/ ٢٤.