للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أبو شامة ناقدا للأخبار]

لم يتلق أبو شامة ما نقله من أخبار عمن سبقه من المؤرخين باستسلام خاشع، بل تفحص كلامهم، وناقشهم فيما أوردوه، وصحح ما وقعوا فيه من أوهام وأخطاء بأسلوب علمي رصين، دون تهكم أو جفاء في العبارة، وكان يقدم لنقده بقوله: قلت (١)، ليميز بين كلامه وكلام من ينقل عنه.

وقد تلون نقده للأخبار بحسب ما تمليه طبيعة الخبر، فإذا أخطأ مؤرخ بتسمية وقعة من الوقائع، ناقشه في خطئه، وبين الصواب فيه، معتمدا على معارضته بخبر آخر، أو على تحليل ذلك الخبر، كما فعل مع ابن العديم حين ذكر أن برهان الدين البلخي انتقد السلطان نور الدين على تهاونه في إشاعة المنكرات والخمر حين كسر بالبقيعة، فبين أبو شامة أن البلخي مات قبل هذه الوقعة بعشر سنين، وأن انتقاده هذا كان في كسرة قبلها وقعت سنة (٢) (٥٤٣ هـ/ ١١٤٨ م).

وإذا ساق مؤرخ خبرا مشهورا عند العامة، ولا يصح، رده إلى الصواب فيه، كما فعل مع العماد الكاتب حين ذكر أنه زار قبر أبي هريرة، الصحابي الجليل، في يبنى بفلسطين، فتعقبه أبو شامة بقوله: «اعتمد العماد في هذا على ما اشتهر.


(١) «كتاب الروضتين»: ١/ ٣١٩.
(٢) «كتاب الروضتين»: ١/ ٦٨، ٢٠٠.

<<  <   >  >>