للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأمل في الخلاص وشروع أبي شامة في «كتاب الروضتين»]

وخلت دمشق من شيخيها الجليلين، وعلتها الكآبة، وأصابها الجفاف، فأمسكت السماء، وغارت الآبار، ونقصت الأنهار، وهلكت الزروع والثمار (١)، وزاد الجو قتامة بما كان الناس يتشاكون فيه من ظلم القاضي رفيع الدين (٢).

ولربما تساءل أبو شامة في نفثة غضب: أما لهذا الليل من فجر؟ وكان في تهذيبه تاريخ دمشق لابن عساكر قد قرأ فيه ترجمة الملك العادل نور الدين، فأطربه حقا ما رأى من آثاره، وسمع من أخباره، مع تأخر زمانه، وتغير خلانه، ثم وقف على سيرة سيد الملوك بعده، الملك الناصر صلاح الدين (٣)، فأحس، وهو المفجوع بعصره، أنهما في المتأخرين كالعمرين في المتقدمين، عدلا وجهادا، فخطرت في باله فكرة: لم لا ينشئ كتابا في التأريخ لدولتيهما، يتضمن التقريظ لهما، والتعريف، فلعله يقف عليه من الملوك من يسلك في ولايته ذلك السلوك (٤).


(١) «المذيل»: ٢/ ٥٦.
(٢) «عيون الأنباء»: ص ٦٤٨.
(٣) «كتاب الروضتين»: ١/ ٢٦.
(٤) المصدر السالف.

<<  <   >  >>