بذلك، بل أراد أن ينتشر الفسق والفجور في دمشق، فسمح بالاختلاط في جامع دمشق أيام المناسبات بين الرجال والنساء، قائلا: ما هو أعظم من الحرمين! فغص الجامع بالرجال والنساء، وخاصة في ليلة النصف من شعبان (١).
وفاض قلب أبي شامة بالغم من هذا الساكن البغيض، فتوقف عن الكتابة في تاريخه، إذ افتقد المكان الآمن الذي كان يدون فيه بهدوء وقائع عصره، ودليلنا على ذلك سياق الأحداث، والأسلوب الذي كتب به من بعد حين استدرك في تاريخه أخبار هذه السنين العجاف.
* * *
لبث الصالح أيوب في السجن بضع شهور حتى قرر الناصر داود الإفراج عنه في أواخر رمضان سنة (٢)(٦٣٧ هـ/ ١٢٤٠ م) طمعا في أن يساعده الصالح أيوب حين يغدو سلطان مصر على استرداد أملاك أبيه المعظم، وبخاصة دمشق، ومن ثم أمر الناصر داود بقطع الخطبة للعادل، وخطب للصالح أيوب، واتفقا على قصد الديار المصرية، وتسامع أصحاب الصالح أيوب بهذا الخبر، فراحوا يتقاطرون إليه من كل ناحية (٣).
في تلك الأثناء قبض أمراء مصر على العادل، وأرسلوا يستحثون الصالح أيوب على القدوم إليهم (٤).
فخرج الصالح أيوب ومعه الناصر داود إلى مصر، فوصل إليها، وقبض على أخيه العادل ليلة الجمعة ثامن ذي القعدة سنة (٦٣٧ هـ/ ١٢٤٠ م) ثم دخل بعساكره القاهرة (٥).