للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمراء الصالح أيوب نحو بيت المقدس، وكان الصليبيون قد بنوا فيها قلعة تضم برج داود، مخالفين في ذلك شروط صلحهم مع الكامل، فهاجم القلعة، ونصب عليها المجانيق، حتى تم له فتحها في يوم الاثنين تاسع جمادى الأولى سنة (٦٣٧ هـ/ ١٢٣٩ م) بعد حصار دام نحو واحد وعشرين يوما، وجلا عنها الصليبيون، فدمر الناصر داود القلعة وبرج داود، والاستحكامات التي أقاموها، ثم رجع إلى الكرك، تاركا القدس بيد الصليبيين على ما شرط لهم الكامل، مجردة من أسباب الدفاع عنها (١).

وقد حلا لبعض المؤرخين أن يصور ما قام به الناصر داود على أنه فتح لبيت المقدس، حتى إن بعض الشعراء بالغ فشبهه بفتح صلاح الدين لها (٢)! ..

* * *

لربما لم يبال أبو شامة بعودة الصالح إسماعيل إلى حكم دمشق من جديد، فما دامت ثمرة الملك عند الأمراء هي الاستمتاع بالملاذ والراحات، فكلهم سواء، ولربما رضي بعض الرضا، وهو يرى صاحبه الشيخ عز الدين بن عبد السلام يعتلي كل جمعة منبر جامع دمشق، ناصحا للأمة، ومشفقا عليها، ومبينا لها طريق نجاتها. ولربما أنس بعض الأنس وهو في إيوان العادلية، صارفا جل وقته في إنجاز مؤلفاته، مستغرقا في تهذيبه تاريخ دمشق لابن عساكر واختصاره، وقد شارف على الانتهاء منه، مستمتعا بما يضيفه إلى بعض تراجمه وأخباره مما اقتنصه من فوائد، وما قيده من شوارد (٣)، ولربما زاده رضا إلى رضاه صحبته لقاضي قضاة دمشق شمس الدين أحمد بن الخليل بن سعادة الخويي، وقد وجد في ملازمته له بمجالس الحكم، وفي سكناه بالعادلية لطفا وورعا، فقد كان ملازما الصلاة


(١) «تاريخ الحروب الصليبية» لرنسمان: ٣/ ٣٧٦ - ٣٧٧، «نزهة الأنام»: ص ١١٨.
(٢) «مفرج الكروب»: ٥/ ٢٤٧.
(٣) «كتاب الروضتين»: ١/ ٢٦.

<<  <   >  >>