بيد أن الصالح إسماعيل كان في بعلبك يحيك الدسائس بغية الاستيلاء على دمشق أثناء غياب الصالح أيوب عنها، فعقد تحالفا مع صاحب حمص الملك المجاهد، وأرسل ابنه إلى معسكر الصالح أيوب تمويها وإظهارا للولاء (١).
أما في دمشق، فكان متولي ديوانها نجم الدين بن سلام (٢) يفرق الأموال في داره، ويكسب ولاء أمرائها، تمهيدا للصالح إسماعيل في تملكها، ولم يكن أحد يجرؤ على إخبار الصالح أيوب بما يجري هيبة منه (٣).
فلما تمهد للصالح إسماعيل أمر دمشق، رحل عن بعلبك بعساكره، وقصدها من عقبة دمر، وكذلك رحل عن حمص المجاهد في عسكره، وقصدها من جهة ثنية العقاب، وذلك في شهر صفر سنة (٦٣٧ هـ/ ١٢٣٩ م) فاجتمعا على دمشق، ولم يشعر الناس بهما إلا وهما على أبوابها بكرة النهار، في جمع عظيم من الخيالة والرجالة، وليس في دمشق من يمنع عنها، فتسلق جماعة من أصحاب الصالح إسماعيل من خان ابن المقدم الذي يلي باب الفراديس، ونزلوا منه، وكسروا قفل باب الفراديس، وساعدهم على ذلك جماعة ممن استمالهم نجم الدين بن سلام، فدخل الصالح إسماعيل والملك المجاهد دمشق يوم الثلاثاء (٢٧) صفر سنة (٦٣٧ هـ/ ١٢٣٩ م)، وطيب الصالح إسماعيل قلوب أهل دمشق، قائلا لهم: ادعوا للسلطان العادل، فأنا نائبه وغلامه (٤).
ومضى إلى داره بدرب الشعارين، فنزلها، وكان نجم الدين بن سلام أول
(١) «مرآة الزمان» (حوادث سنة ٦٣٦ هـ)، «مفرج الكروب»: ٥/ ٢١٦. (٢) هو الحسن بن سالم بن علي بن سلام، نجم الدين، كان تولى ديوان دمشق سنة (٦١٢ هـ)، ودام عليه، وقد توفي سنة (٦٤٣ هـ)، انظر «المذيل»: ٢/ ٧٥ - ٧٦. (٣) «مرآة الزمان» (حوادث سنة ٦٣٦ هـ). (٤) «المذيل»: ٢/ ٥٠، «مفرج الكروب»: ٥/ ٢٢٨ - ٢٣٠.