وحاول الشيخ عز الدين بن عبد السلام أن يثني الأشرف عن عزمه، فصعد إلى قلعة دمشق لعيادته، مذكرا إياه بالخطر القادم من الشرق، حيث التتار يجتاحون كالعاصفة المدن الإسلامية، ناشرين الخراب والموت أينما حلوا، طالبا إليه أن ينقل عسكره إلى جهة التتار، فإن من الله عليه بالعافية قاتلهم، وإن قضى في مرضه أثابه الله على نيته في جهادهم.
واستجاب الأشرف له، وأمر في الحال - والشيخ حاضر - بنقل معسكره إلى الشرق، إلى منزلة يقال لها القصير. ثم قال للشيخ: زدني من نصائحك ووصاياك. فقال له الشيخ عز الدين: السلطان في مثل هذا المرض، وهو على خطر، ونوابه يبيحون فروج النساء، ويدمنون الخمور، ويرتكبون الفجور، ويتنوعون في تمكيس المسلمين، ومن أفضل ما تلقى الله به أن تتقدم بإبطال هذه القاذورات، وإبطال كل مكس، ورفع كل مظلمة.
وكذلك استجاب الأشرف له، وودع الشيخ السلطان المريض، ونزل من قلعة دمشق، وقد شاع في البلد ما جرى بينهما، وباشر الشيخ بنفسه تبطيل بعض المنكرات، إلا أن الصالح إسماعيل بن العادل لم يرق ذلك له، فوقف دون إمضاء الأمر إلى نهايته (١).
ويموت الأشرف في أول نهار يوم الخميس رابع محرم سنة (٢)(٦٣٥ هـ/ ١٢٣٧ م) ويلي دمشق بعده أخوه الصالح إسماعيل بعهد منه (٣).
* * *
ويأتي الكامل من مصر بعساكره في أواخر شهر ربيع الآخر سنة (٤) (٦٣٥ هـ/