وفي فرح لم يستطع إخفاءه يكتب في تاريخه في حوادث تلك السنة:«وفيها في الساعة الأولى من يوم الاثنين الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وست مئة، ولد لي مولود ذكر سميته محمدا، وكنيته أبا الحرم، جعله الله مباركا وذرية طيبة»(١).
وقدر لابنه محمد أن يعيش يتيم الأم، فهل ماتت أمه بعد ولادته بقليل (٢)؟ ..
وبينما كان أبو شامة يعيش أفراحه في تلك الأيام بولادة ابنه محمد، وقد انهمك في تأليف كتابه «المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول ﷺ»(٣) كان الأشرف موسى بن العادل سلطان دمشق يرقد في قلعتها، وهو يعاني آلام مرضه، وقد أشفى منه على الموت (٤)، وزاده ألما ما بلغه من طمع أخيه الكامل في دمشق (٥)، وبخاصة أن الأشرف لم يكن له ولد يخلفه، فجعل أخاه الصالح إسماعيل بن العادل وليا لعهده (٦)، ولم ينل ذلك رضا الكامل، وهو كبير البيت الأيوبي، فوقعت الوحشة بين الأخوين، وأسفرت عن نفسها بطلب الأشرف من جيشه الاستعداد لمهاجمة مصر، وخيم عسكره في الكسوة جنوبي دمشق إيذانا بذلك (٧).
(١) «المذيل»: ٢/ ٣٩. (٢) ذكر أبو شامة أن أمه توفيت، غير أنه لم يحدد سنة وفاتها، فلعلها توفيت بعد ولادته بقليل، لأنها لم تنجب بعده غيره، ويبدو أن أبا شامة قد انصرف إلى تربية ابنه اليتيم، وكان حدبا عليه، ولم يتزوج من امرأة أخرى إلا قبيل وفاة ابنه محمد بقليل، انظر «المذيل»: ٢/ ٧١، وص ١٣٣ - ١٣٤ من هذا الكتاب. (٣) فرغ أبو شامة من تصنيفه سنة (٦٣٥ هـ)، انظر «المحقق» ص ٢٩. (٤) «مفرج الكروب»: ٥/ ١٣٧. (٥) «مفرج الكروب»: ٥/ ١٤٤. (٦) «مفرج الكروب»: ٥/ ١٤٧. (٧) «طبقات الشافعية» للسبكي: ٨/ ٢٤٠.