المعروف بالدهشة، وصفة بقراط، اللذين يسلبا عقل من يراهما لجمالهما، وحسنهما، يقول: إني بعت ممالك الشرق كلها بهذين الموضعين، إذ ليس ثمرة الملك إلا الاستمتاع بالملاذ والراحات (١).
وربما تعزى أبو شامة بعض العزاء - وهو يغالب حزنه - بلقاء شيخين جليلين، أولهما القاضي بهاء الدين بن شداد، كاتب سيرة صلاح الدين «النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية»، وكان قد قدم من حلب، وفي صحبته أكابرها وعدولها لعقد النكاح بين العزيز بن الظاهر غازي بن صلاح الدين وبين ابنة الكامل فاطمة خاتون، وكان أبوه الظاهر قد خطبها له قبيل وفاته سنة (٦١٣ هـ/ ١٢١٦ م)، وقد تم العقد في سحر يوم الأحد سادس عشر رجب في مسجد خاتون على صداق مبلغه خمسون ألف دينار (٢)، فيلتقيه أبو شامة حين يدخل دمشق مع الداخلين، فيجيزه ابن شداد بجميع ما يرويه (٣).
وممن دخل دمشق كذلك الإمام الشيخ الزاهد الورع، رشيد الدين عبد العزيز بن أبي محمد بن أبي الطاهر، المعروف بابن عوف، من ذرية الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، ومفتي الإسكندرية في مذهب مالك بن أنس، فيجتمع به أبو شامة في المدرسة العادلية يوم الأربعاء (١٠) شعبان مع شيخه أبي عمرو بن الحاجب (٤).
وتلملم دمشق أحزانها، فتبني ما تهدم من حاراتها، وتصلح ما تشعث من بيوتها، واحترق من طواحينها ومدارسها، وتدفن قتلاها، وتداوي جرحاها، وتحاول في كبرياء قبول حاكمها الجديد، وقد فرضه السيف عليها.