للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستباح دماءهم وأموالهم (١)؟ ألم يقتل السلطان قطز عقب انتصاره على التتار في عين جالوت (٢)؟ أليس هو من المماليك البحرية الذين أذاقوا الناس ويلات ظلمهم (٣)؟

وإيغالا في عزلته راح يعمق معانيها بما ينظمه من شعر، فقد نظم مرة يقول:

صان ربي عن التبذل علمي … فله الحمد ببكرة وأصيلا

لم يشن بالسؤال وجهي بل با … رك فيما أعطى فكان جزيلا

وغنى النفس والقناعة كنزا … ن فكانا لما ذكرت دليلا

كم رأينا من عالم عز بالعل … م وأضحى بالحرص منه ذليلا

احفظ الله وابذل الفضل تعنم … من غنى النفس عزة وقبولا (٤)

وقال مرة:

أيا لائمي ما لي سوى البيت موضع … أرى فيه عرا إنه لي أنفع

فراشي ونطعي فروتي فرجيتي … لحافي وأكلي ما يسد ويشبع

ومركوبي الآن الأتان ونجلها … لأخلاق أهل العلم والدين أتبع

وقد يسر الله الكريم بفضله … عنى النفس مع شيء به أتقنع

أوفره للأهل خوفا يراهم … عدو بعيش ضيق فيشنع

وأصبر في نفسي على ما ينوبني … وأطلب عفو الله فالعفو أوسع

وما دمت أرضى باليسير فإنني … غني أرى هولا لغيري أخضع

وربي قد أتاني الصبر والغنى … عن الناس في هذا لي العز أجمع


(١) انظر ص ١٨١ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص ٢٦٧ - ٢٦٨، ٢٧٢ - ٢٧٣ من هذا الكتاب.
(٣) انظر ص ١٩٦، ١٩٩ - ٢٠٠، ٢٦٩ من هذا الكتاب.
(٤) «المذيل»: ٢/ ١٩١.

<<  <   >  >>