ولما رأى قطز أن الناصر يوسف بقي وحيدا، قفل راجعا إلى القاهرة، وطلع إلى قلعة الجبل، ولم تمر إلا أيام يسيرة حتى صادر كل من وصل إليه من غلمان الناصر وكتابه، وأخذ أموالهم، ثم بعث إلى زوجة الناصر يوسف الرومية، وطلب منها كل ما للملك الناصر عندها من الجواهر والذخائر، ولم يتعرض لما يتعلق بها (١).
أما الناصر يوسف، فقد استبدت به الحيرة، وضاقت عليه السبل، فلم يعد يدري إلى أين يتوجه (٢)، ثم قادته حيرته نحو الشوبك، ثم إلى الكرك، فبعث إليه المغيث يسأله أن يطلع إلى قلعته، ويقيم عنده، فخاف على نفسه منه، فلم يستجب له (٣)، وعزم على التوجه نحو الحجاز (٤)، ثم فسخ عزمه، وقر رأيه أن يقيم في البلقاء عند بركة زيزي (٥).
* * *
كان هولاكو ما يزال في حلب حين بلغته الأخبار بوفاة أخيه الأكبر منكوقاآن، وولاية أخيه الأوسط قوبيلاي، فاضطر للعودة إلى فارس، ليدبر أموره عقب هذا الحدث الكبير، فرحل عنها (٦)، وفي طريق عودته حاصر قلعة حارم، ثم غدر بأهلها بعد أن أمنهم، فقتل جميع من كان بالقلعة من الرجال والنساء، والصغار والكبار، حتى الطفل الصغير في المهد (٧).