للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما إن اطمأن التتار إلى دمشق بعد استيلائهم على قلعتها حتى عاودوا العيث في البلاد، فساروا نحو بعلبك، فتسلموها، وحاصروا قلعتها وأخذوها، ثم ساروا إلى نابلس للاستيلاء عليها، وقد خلت من حماتها (١).

وكان الناصر يوسف ما يزال مقيما في غزة (٢)، ينتظر نجدة مظفر الدين قطز صاحب مصر، وقد انضم إليه فيها مماليكه الذين تآمروا على اغتياله، وكان قد اصطلح معهم (٣)، فلما بلغه كبسة التتار لنابلس رحل عن غزة إلى العريش (٤)، وسير القاضي برهان الدين بن الخضر رسولا إلى قطز ليجدد له طلب المعاضدة (٥)، ثم دخل الناصر يوسف على إثره صحراء سيناء، وأوغل فيها حتى وصل إلى قطية، فأقام بها، وبعث زوجته الرومية وولده منها إلى مصر (٦).

وكان قطز قد برز بعساكره إلى الصالحية، فلما بلغه وصول الناصر يوسف إلى قطية خافه، وظن أن ذلك عن مكيدة وحيلة يحتال بها لانتزاع مصر منه، فكتب قطز إلى أمراء الناصر يوسف وجميع عسكره والشهرزورية، يعدهم بالإحسان إذا انضموا إليه، فتخلى عن الناصر يوسف أمراؤه وعساكره - وكانوا مستائين منه - وتقاطروا إلى قطز أرسالا، ولم يبق عند الناصر يوسف إلا ولده العزيز، وبعض الأمراء القيمرية ممن كان يخاف على نفسه من قطز، فعند ذلك سنحت للشهرزورية فرصة للنهب، فنهبوا الناس، وأخذوا أثقال الأمراء وأموالهم، وتوجهوا بها إلى مصر (٧).


(١) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٢٦.
(٢) «المذيل»: ٢/ ١٤٢.
(٣) «المختصر في أخبار البشر»: ٣/ ٢٠١.
(٤) «المذيل»: ٢/ ١٤٢.
(٥) «المختصر في أخبار البشر»: ٣/ ٢٠٢.
(٦) «أخبار الأيوبيين»: ص ١٧٤.
(٧) المصدر السالف.

<<  <   >  >>