للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنصب لنفسه، ولم يعيرا التفاتا إلى حلب، تلك المدينة الثكلى المدمرة، بل راحا يتنافسان في كيل المديح والإطراء له (١)، علهما يظفران برضاه.

وينداح جيش التتار، معينا الفساد في بلاد حوران والصلت والبلقاء والكرك (٢). وكان الناصر - بعد هروبه من دمشق - يقيم بنابلس مع من بقي من عسكره، ينتظر فيها نجدة مظفر الدين قطز صاحب مصر، ظانا أنها لن تتأخر عنه (٣)، ويبدو أنه راسل والي قلعة دمشق بدر الدين قراجا، ونقيبها جمال الدين بن الصيرفي، يحثهما على حفظ قلعة دمشق، فإنه واصل قريبا إليها بالعساكر (٤)، واستجاب له الأميران، فأعلنا عصيانهما، وأغلقا أبواب القلعة، وفوجئ التتار بهذا العصيان، فلما بلغ كتبغا ـ وكان يقيم في معسكره بمرج برغوث ـ خف ببعض عسكره إلى دمشق، ونزل محاصرا القلعة في يوم (٦) ربيع الآخر سنة (٦٥٨ هـ/ ١٢٦٠ م)، وكان يوما باردا، تعصف فيه ريح ماطرة، والسماء تقصف برعودها، وتتوهج بسياط بروقها، فبات أهل دمشق في خوف وفزع من هذه الليلة العاصفة المطيرة، ومن حصار التتار قلعة دمشق (٥)، ولصمودها كان لا بد لكتبغا من انتظار عودة جنوده كي يشدد حصاره عليها.

وكان التتار خلال عيثهم في البلاد قد وصلوا إلى مشارف نابلس (٦)، حيث كان يقيم الناصر يوسف، فلما سمع بمسير التتار إليه رحل عن نابلس نحو غزة، وترك فيها الأمير مجير الدين بن أبي زكري مع جماعة من العسكر (٧).


(١) «المذيل»: ٢/ ١٨٥.
(٢) «المذيل»: ٢/ ١٤١.
(٣) «المختصر في أخبار البشر»: ٣/ ٢٠١.
(٤) أخبار الأيوبيين: ص ١٧٤.
(٥) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٢٦.
(٦) «المذيل»: ٢/ ١٤١.
(٧) «المختصر في أخبار البشر»: ٣/ ٢٠١.

<<  <   >  >>