للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما تذبح الشاة، ويؤسر من يختارونه من بناته وجواريه، حتى قتلوهم عن آخرهم (١).

أما الفقهاء وأعيان بغداد ومدرسوها، فكان الوزير ابن العلقمي يستدعيهم، فيخرجون إليه طمعا في أمانه، فكان إذا اجتمع لديه طائفة منهم يرسلهم إلى التتار، فيقتلونهم (٢)، حتى إذا فرغوا منهم مالوا على البلد يقتلون كل من قدروا عليه من الرجال والنساء، والولدان والمشايخ، والكهول والشبان، وقد اختبأ بعض الناس في الآبار والمطامير والقنى والمغاوير، وبعضهم كان يغلق عليه أبواب الخانات، فيفتحها التتار بالكسر أو بالنار، فيدخلونها فيهرب منهم الناس إلى الأسطحة، فيقتلونهم هناك، حتى جرت الميازيب بالدماء في الأزقة، وسالت غزيرة في المساجد والجوامع والربط (٣)، وخربت المكتبات، وأتلفت الكتب (٤).

وظفر الوزير ابن العلقمي لتعاونه مع التتار بأن كان داره أحد الدور الآمنة في هذا الخراب الواسع، فمن دخله كان آمنا (٥)! ..

ورحل هولاكو عن بغداد يوم الأربعاء (١٤) صفر سنة (٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨ م) عائدا إلى معسكره في همذان، تاركا جنوده يستبيحونها، وفي أول مرحلة من مراحل الطريق أمر بقتل الخليفة في ذلك اليوم (٦)، ولم يهرق دمه على عادتهم في قتل


(١) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٨، «عقد الجمان»: ص ١٧٥.
(٢) «عقد الجمان»: ص ١٧٣ - ١٧٤.
(٣) «البداية والنهاية» (حوادث سنة ٦٥٦ هـ)، «عقد الجمان»: ص ١٧٤.
(٤) «محنة الإسلام الكبرى»: ص ١٧٧.
(٥) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٨ - ١٥٩.
(٦) «تاريخ مختصر الدول»: ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>