ثم خرج في اليوم التالي ابن الخليفة الأكبر أبو العباس أحمد (١).
ولما تحقق هولاكو من أن بغداد قد ألقت قيادها إليه، واستسلمت له، دخلها في يوم الأحد (٤) صفر سنة (٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨ م) دخول المنتصر، ومعه أمراؤه، ليشاهد دار الخلافة، وكان في صحبته نصير الدين الطوسي، وتابعه الجديد الوزير ابن العلقمي، وقد جاب هولاكو أرجاء القصر، وربما أبدى دهشته لما شاهده فيها من جمال وترف، ثم أمر بإحضار الخليفة إليه، فأحضر محاطا بجند التتار، فمثل بين يدي هولاكو، وبذل الأسير وخضوعه راح الخليفة يخرج له تحف دار الخلافة وكنوزها من الأموال والجواهر والحلي والزركش والثياب، وأواني الذهب والفضة والأعلاق النفيسة التي تراكمت فيها عبر القرون، وبغطرسة المنتصر راح هولاكو يفرقها على أمرائه، ثم أمر الخليفة أن يفرز جميع النساء اللاتي باشرهن هو وبنوه، ويعزلهن عن غيرهن من حريم القصر، فكن سبع مئة امرأة، فأخرجهن، ومعهن (٢) ثلاثة مئة خادم وخصي.
وكان الليل قد خيم بوحشته على بغداد، فرجع هولاكو إلى معسكره، وأمر أن يعتقل الخليفة بباب كلواذى (٣).
وما إن أطل صباح يوم الاثنين (٥) صفر حتى نادى منادي هولاكو في معسكره يأمر جنوده باستباحة بغداد، ووضع السيف في أهلها (٤).
وانقض عليها التتار تقتيلا وتخريبا، وبدؤوا أول ما بدؤوا بأعمام الخليفة وأنسابه في دار الخلافة، فكانوا يطلبونهم واحدا بعد الآخر، فيخرج الرجل منهم بأولاده ونسائه وجواريه، فيحمل إلى مقبرة الخلال التي تجاه المنظرة، فيذبح بها