للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشرافهم (١)، بل جعل في غرارة، ورفس حتى مات، ودفن، وعفي أثره، وكان له من العمر ست وأربعون سنة وأربعة أشهر (٢).

ثم قتل ولداه أبو العباس أحمد، وأبو الفضل عبد الرحمن (٣).

ثم قتل الدويدار الصغير وابنه، وسليمان شاه، وأمر هولاكو بحمل رؤوسهم إلى الموصل، فحملت وعلقت على أبوابها، ترهيبا لصاحبها، وتخويفا لأهلها (٤) ولم يزل التتار في قتل ونهب وأسر، وتعذيب الناس بأنواع العذاب، لاستخراج الأموال منهم، حتى لم يبق من أهل بغداد ومن التجأ إليها من أهل السواد إلا القليل (٥).

فلما نودي بالأمان - بعد أربعين يوما - خرج من كان مختبئا تحت الأرض بالمطامير والقنى والمغاوير كأنهم موتى نبشوا من قبورهم، قد تغيرت ألوانهم، واستولى الذهول على عقولهم لما شاهدوه من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان (٦)، حتى إن بعضهم أنكر بعضا، فلم يعرف الوالد ولده، ولا الأخ أخاه (٧)

وعادت بغداد بعدما كانت آنس المدن كلها مدينة موحشة خرابا، ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وبرد وجوع وذلة (٨).

وقد تراكم القتلى في الدروب والأسواق كالتلول (٩)، والدم في الأزقة متخثر


(١) «العبر» لابن خلدون: ٥/ ٥٤٣.
(٢) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٧.
(٣) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٨.
(٤) المصدر السالف.
(٥) المصدر السالف.
(٦) المصدر السالف.
(٧) «عقد الجمان»: ص ١٧٦.
(٨) «البداية والنهاية» (حوادث سنة ٦٥٦ هـ)، «عقد الجمان»: ص ١٧٤.
(٩) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٩.

<<  <   >  >>