الأمير عز الدين أيبك الحلبي، وقالت له: قم بالأمر، فخاف، ولم يرض (١).
وإخفاء لمقتله أشيع أن المعز مات فجأة في الليل، وأقاموا الصائح في القلعة ينعاه، فلما سمع مماليكه بموته لم يصدقوا بذلك، وقد تركوه في آخر النهار صحيح البدن، معافى، وقام الأمير علم الدين سنجر الغتمي، وهو يومئذ كبير المماليك البحرية، ومعه مماليك المعز إلى الدور السلطانية، وقبضوا على الخدام والحريم، وعاقبوهم، فأقروا بما جرى، وعند ذلك قبضوا على محسن الجوجري، واستطاع نصر العزيزي الفرار نحو الشام (٢).
ولما رأت شجرة الدر أنه قد أحيط بها، وعلمت أن خطتها قد انكشفت، عمدت في لحظة يأس وغيرة إلى ما عندها من الجواهر واللآلئ، وهو شيء كثير، فكسرته في الهاون (٣)، ولما تمكنوا من القبض عليها أراد مماليك العز قتلها، فحماها مماليك الصالح أيوب، ونقلت إلى البرج الأحمر بالقلعة (٤).
واجتمع الأمراء يوم الخميس (٢٦) ربيع الأول سنة (٦٥٥ هـ/ ١٢٥٧ م) وأقاموا ابن المعز نور الدين علي سلطانا على مصر، ولقبوه بالملك المنصور، وعمره نحو خمس عشرة سنة، وأقيم الأمير سيف الدين قطز، مملوك المعز (٥) نائبا للسلطنة كما كان في زمن المعز، فصار مدبر دولة الملك المنصور نور الدين علي (٦).
وحملت شجرة الدر يوم الجمعة (٢٧) ربيع الأول إلى ضرتها أم السلطان
(١) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٣. (٢) المصدر السالف. (٣) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٤. (٤) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٣. (٥) من الخطأ الشائع ما يكتبه بعض كتبة التاريخ من المعاصرين من أن قطز من المماليك البحرية، وإنما هو من مماليك المعز، انظر «المذيل»: ٢/ ١٣٨. (٦) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٥.