للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العزيزي، وهو ممن يخلص لها الولاء، بهدية إلى الناصر يوسف، وتعلمه أنها قد عزمت على قتل المعز والتزوج به، وتمليكه مصر، غير أن الناصر يوسف خشي أن يكون في كلامها خديعة له، فلم يجبها (١).

وقد علم صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ بما تدبره شجرة الدر للمعز، فأرسل إليه يحذره منها، ويعلمه أنها خامرت عليه الناصر يوسف، فازداد ما بينهما من جفاء (٢)، فترك القلعة، وأقام بمناظر اللوق أياما كي يتدبر أمره معها (٣)، وقد هداه تفكيره إلى إنزالها من القلعة إلى دار الوزارة كخطوة أولى لتجريدها من سلطانها (٤)، فبيت هذا العزم في نفسه، فلما بعثت إليه شجرة الدر يوم الثلاثاء (٢٤) ربيع الأول سنة (٦٥٥ هـ/ ١٢٥٧ م) تعزم عليه أن يعود للقلعة، تظاهر بالرضا، وطلع إلى القلعة في آخر النهار، وهو يتحين الفرصة لتنفيذ ما عزم عليه، غير أن شجرة الدر كانت أسرع منه، فقد أعدت له خمسة من أتباعها ليقتلوه، منهم محسن الجوجري، ونصر العزيزي، فما إن دخل الحمام ليلا حتى أغلق عليه الباب محسن الجوجري وغلام كان عنده شديد القوة، ومعهما جماعة، فأخذ بعضهم بأنثييه، وبعضهم بخناقه، فاستغاث المعز بشجرة الدر، فأدركها من الرحمة ما يدرك المرأة وهي ترى زوجها في غاية عجزه وضعفه، فقالت: اتركوه، فأغلظ لها محسن الجوجري في القول، ثم قال لها: متى تركناه لا يبقي علينا ولا عليك. ثم قتلوه (٥).

وبعثت شجرة الدر في تلك الليلة أصبع المعز علامة على قتله وخاتمه إلى


(١) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٢.
(٢) المصدر السالف.
(٣) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٣.
(٤) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٢.
(٥) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٤٠٣.

<<  <   >  >>