وسنجر، مماليك المعز، فهبروه بالسيوف حتى مات، ووقع الصريخ في القلعة والقاهرة بقتله، فركب في الحال من أصحابه نحو سبع مئة فارس، ووقفوا تحت القلعة، وفي ظنهم أنه لم يقتل، وإنما قبض عليه، وكان من أعيانهم الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، وقلاوون الألفي، فلم يشعروا إلا ورأس أقطاي قد رمي إليهم، فتبلبل رأيهم، وتفرقوا بأجمعهم، وخرجوا في الليل من القاهرة هاربين، فمنهم من قصد الملك المغيث بالكرك، ومنهم من قصد الملك الناصر يوسف بدمشق (١)، وكان فيهم بيبرس البندقداري وقلاوون الألفي، فخرج الناصر يوسف إلى لقائهم، وخلع عليهم، وأقطع ركن الدين بيبرس نابلس، وراح المماليك يحثون الناصر يوسف على قصد مصر، وهو يدافعهم (٢).
واستقل المعز بسلطنة مصر، ولم يعد بحاجة إلى سلطنة الأشرف موسى الاسمية، فخلعه منها، فكان موسى آخر من خطب له من الأيوبيين بالسلطنة في مصر (٣)، وكتب إلى الناصر يوسف يحذره غائلة البحرية، ويخوفه عاقبة شرهم (٤)، غير أن الناصر أصم أذنيه عن سماع كلامه، ووجدها فرصة ليستعيد من المعز بعض البلاد التي أخذها منه، فكتب إليه يطلب البلاد التي أخذها بالساحل، لأنها من إقطاعات البحرية، فأعادها المعز إليه، فأقر الناصر كل إقطاع منها بيد من كان له (٥).
* * *
ولم يبق للناصر يوسف كي يعيش ناعم البال، وقد نال الأمان من التتار، وتم
(١) «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٣٩٠ - ٣٩١. (٢) «الروض الزاهر»: ص ٥٦، «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٣٩٢ - ٣٩٣، أخبار الأيوبيين»: ص ١٦٤. (٣) «شفاء القلوب»: ص ٤٥٠. (٤) أخبار الأيوبيين: ص ١٦٤، «السلوك»: ج ١/ ق ٢/ ٣٩٣. (٥) المصدران السالفان.