للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد مفاوضات طويلة وعسيرة تم عقد الصلح بينهما في سنة (٦٥١ هـ/ ١٢٥٣ م) على أن يعطى المعز من بلاد الناصر يوسف القدس الشريف وبلاده، وغزة وبلادها، وجميع البلاد الساحلية إلى حدود نابلس، وأن يطلق المعز كل من هو في أسره من الملوك والأمراء الذين أسرهم في موقعة الكراع، واستحلفهم الشيخ نجم الدين البادرائي على ذلك، وعاد كل منهما إلى مستقر ملكه (١).

* * *

وكانت الأوضاع في مصر قد بلغت غاية الاضطراب، فقد قويت شوكة المماليك البحرية، واستفحل أمرهم، واجتمعت كلمتهم على الأمير فارس الدين أقطاي، وهو كبيرهم ومقدمهم (٢)، واطرحوا المعز، فليس له معهم أمر ولا نهي، و لا حل ولا عقد، ولا يسمع أحد منهم له قولا، وقد استولى أقطاي على الأمور كلها (٣)، وكثر فساد أتباعه، فكانوا يأخذون أموال الناس ونساءهم وأولادهم، ولا يقدر أحد منهم على منعهم، وكانوا يدخلون الحمامات، ويأخذون النساء منها غصبا، وكثر ضررهم (٤)، واتفقوا فيما بينهم على قتل المعز، فخاف على نفسه منهم، وقر رأيه على التخلص من أقطاي (٥)، وقد ثقل عليه، فراح يتحين الفرص، حتى كان يوم الأربعاء ثالث شعبان سنة (٦٥٢ هـ/ ١٢٥٤ م) فبعث إليه ليأخذ رأيه في أمر من الأمور، فركب إليه أقطاي على غير أهبة ولا اكتراث، مدلا بقوته، فعندما دخل من باب القلعة، وصار في قاعة العواميد، أغلق بابها، ومنع مماليكه من الدخول معه، فغدا وحيدا، حينئذ خرج عليه جماعة بالدهليز قد أعدوا لقتله، وهم قطز وبهادر


(١) «أخبار الأيوبيين»: ص ١٦٤، و «السلوك»: ج ٢/ ١/ ٣٨٥ - ٣٨٦.
(٢) «أخبار الأيوبيين»: ص ١٦٤.
(٣) «السلوك»: ج ٢/ ١/ ٣٨٨.
(٤) «السلوك»: ج ٢/ ١/ ٣٨٩ - ٣٩٠.
(٥) «أخبار الأيوبيين»: ص ١٦٤.

<<  <   >  >>