ثم إني أردت الوقوف على أخبار ملكي بلاد العجم في زماننا، اللذين قهرا العباد، ثم خربت في ولايتهما البلاد، واستولى على تلك الديار، الكفرة التتار، لعنهم الله، وسفك أولئك الملاعين، دم الكبير والصغير من المسلمين، وجرى في تلك المدة من العجائب والغرائب ما لم يتقدم مثله، وما أظنه يأتي إن شاء الله تعالى، فإنها من أفظع المصائب. فوجدت قد جمع أخبار تينك الدولتين الكاتب الفاضل شهاب الدين محمد بن أحمد بن علي بن محمد النسوي، المعروف بالمنشئ، الذي كان في صحبتهم وخدمتهم، مطلعا على أحوالهم، متصرفا في أعمالهم، جمع ما جرى من ذلك مجلدة واحدة، فاختصرت المقاصد منها، على عادتي في مثل ذلك، والغرض الأهم كما ذكر - من إثبات الآثار، وإخلاد الأخبار، إفادة التجربة والاعتبار.
أما السلطانان فهما علاء الدين محمد بن تكش بن إيل رسلان بن أتسز بن قطب الدين محمد بن نوشتكين، وولده جلال الدين منكبرتي، المعروف بخوارزم شاه … " (١).
وتابع أبو شامة سرد أخبارهما بحس المؤرخ الذي يستشف الخطر القادم من ذلك الشرق البعيد.
* * *
وممن كان يتحسس كذلك من خطر التتار، قائد جيش الناصر يوسف الأمير شمس الدين لؤلؤ، ولكي يأمن شرهم أشار على الناصر يوسف بأن يواليهم بالهدايا والتحف، فأرسل الناصر يوسف في سنة (٦٤٨ هـ/ ١٢٥٠ م) إلى منكوقا آن خان التتار الأمير زين الدين الحافظي (٢) - وهو طبيب ذو منزلة رفيعة، إذ كان إلى براعته في