للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي أثناء بحثه الدائب يقع على كتاب فيه أخبار هذه الدولة الخوارزمية، ألفه كاتب مطلع على أحوالها، مداخل لآخر سلاطينها؛ جلال الدين منكبرتي، إذ كان كاتبا في ديوان إنشائه، هو شهاب الدين محمد بن أحمد بن علي النسوي، وسماه «سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي» (١)، فيرى أبو شامة أن اختصار هذا الكتاب أجدى وأعم نفعا من تأليف كتاب في أخبارها، وبخاصة أن مؤلفه النسوي قد عاصر أواخر الدولة الخوارزمية، واطلع على دخائل أحوالها.

ويعكف أبو شامة على اختصار هذا الكتاب بعد فراغه من «كتاب الروضتين»، وكأنه يوازن من خلاله بين حكم نور الدين وصلاح الدين، وكيف نهضت الأمة في بلاد الشام ومصر من كبوتها بعدلهما وحسن سياستهما، وبين حكم علاء الدين محمد بن تكش وابنه جلال الدين، وكيف أوقعا الأمة في الشرق تحت ذل الهزيمة بظلمهما وسوء تدبيرهما، فهل كان أبو شامة يعاود مخاطبة ملوك عصره، وهو يرسم لهم صورة للأمة في حال صلاحها بالعدل، وصورة للأمة في حال فسادها بالظلم والقهر؟

ويسمي مختصره «نزهة المقلتين في سيرة الدولتين العلائية والجلالية» (٢)، ويفتتحه بمقدمة يقول فيها: «أما بعد، فإني جمعت في كتابين مطول ومختصر ما كان في زمن آبائنا من مناقب سلطانين جليلين، متتابعين ببلادنا الشامية، جمعت فيهما من أخبارهما ومآثرهما ما غبر في وجوه من قبلهما من الملوك، فكيف من بعدهما؟ فسقى الله عهدهما، وسميت الكتاب المطول بالروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، والآخر مختصره.


(١) طبع كتابه طبعتين، أولاهما في القاهرة سنة (١٩٥٣ م) بتحقيق حافظ أحمد حمدي، والثانية في موسكو سنة (١٩٩٦ م) بتحقيق ضياء الدين موسى بونياروف، وهي الأصح والأحسن، وانظر حاشيتنا رقم (٣) ص ٤٦١ - ٤٦٢ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص ٤٥٩ - ٤٦٦ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>