يبدو أن أبا شامة لم يكن يؤمل الكثير من ملوك عصره الأيوبيين، والمشهد أمام ناظريه، وهو المؤرخ، مما يدعو إلى الأسى، بل لعله تنبأ بما سيحل بالبيت الأيوبي في الشام عن قريب، وقد عايش انهياره في مصر، ولذا لم يجد أمامه إلا كلمة القاضي الفاضل يختم بها كتابه:«أما هذا البيت، فإن الآباء منه اتفقوا، فملكوا، وإن الأبناء منهم اختلفوا، فهلكوا، وإذا غرب نجم فما في الحيلة تشريقه، وإذا بدأ خريق ثوب فما يليه إلا تمزيقه، وهيهات أن يسد على قدر طريقه، وقد قدر طروقه»(١).
ويطوي أبو شامة كتابه، وفي جامع دمشق في حلقته عند رأس زكريا ﵇ ينشره (٢)، ويسمعه لمن تحلق حوله من الناس، علهم يعون ويتدبرون دروس التاريخ، ويعتبرون (٣).
* * *
حين فرغ أبو شامة من إسماع «كتاب الروضتين» سنة (٤)(٦٤٩ هـ/ ١٢٥١ م) شعر أن صورة ما جرى بعد وفاة صلاح الدين لم تكتمل فصولا (٥)، وفي إتمامها تبصير للناس فيما هم فيه الآن، فراح يزيد فيه ما جرى من وقائع بين سنتي (٦)(٥٩٣ - ٥٩٧ هـ/ ١١٩٧ - ١٢٠١ م).
وبينما كان يكتب وقائع تلك السنوات في المدرسة العادلية الكبرى، حيث كان يسكن، عاوده المرض من جديد في رمضان سنة (٦٤٩ هـ/ ١٢٥١ م) ثم عاوده