للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرض نفسه مرة ثالثة في رمضان سنة (١) (٦٥٠ هـ/ ١٢٥٢ م)، فكان أبو شامة يأوي في مرضه إلى بستانه الصغير فوق نهر يزيد في الصالحية، يعيش فيه مع آلامه وأوجاعه (٢).

وانشغل في تلك السنين عن التأريخ لوقائع عصره، فلم يدون في تاريخه منها إلا القليل، وانكب على إتمام ما استحسن زيادته في «كتاب الروضتين»، حتى بلغ فيه إلى سنة (٣) (٥٩٧ هـ/ ١٢٠١ م).

وكان في أثناء قراءاته في تواريخ تلك الفترة يقع على أخبار فاته تدوينها في «كتاب الروضتين»، فيلحقها في أماكنها فيه، حتى تجمعت لديه منها زيادات كثيرة، فعن له أن يعاود نسخه وتبييضه من أوله، مضيفا إليه هذه الزيادات، وقد فرغ من نسخ المجلدة الأولى منه في (١١) رمضان سنة (٦٥١ هـ/ ١٢٥٣ م) فكتب في آخره: «آخر المجلدة الأولى من كتاب الروضتين، فرغ منها مصنفها في حادي عشر شهر رمضان المبارك سنة إحدى وخمسين وست مئة، واشتملت هذه النسخة المبيضة على زيادات كثيرة فاتت النسخ المتقدمة على هذا التاريخ المنقولة من المسودة، وكل ما ينقل من هذه النسخة هو الأصل الذي يعتمد عليه، ويركن إليه، والله الموفق في جميع الأمور، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، وكتبه عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعي مصنفه، عفا الله عنه» (٤).

وما كاد يضع القلم من نسخ هذه المجلدة حتى يعاوده مرضه، ذلك المرض الذي بات يعاوده كل عام في رمضان (٥)، وفي غمرة معاناته لآلامه تتوفى ابنته


(١) «المذيل»: ١/ ٣٢.
(٢) «المذيل»: ٢/ ١٢٥.
(٣) «كتاب الروضتين»: ٤/ ٤٣٤.
(٤) «كتاب الروضتين»: ٣/ ١٦ م.
(٥) «المذيل»: ١/ ٣٢.

<<  <   >  >>