فيجوز الجر، في نحو:(شبرٌ أرضًا)، و (قفيزٌ برًا)، و (منوان عسلًا)، و (راقودٌ خلًا)، و (خاتمٌ حديدًا)، و (لله درُّه فارسًا)، و (أكرم بزيد عالمًا)، و (ما أحسنه كاتبًا)، فتقول:(شبرٌ من أرض)، و (قفيز من بر)، و (منوان من عسل) .. إِلَى آخره.
قال الشّاعر:
...................... ... فَنعْمَ الْمَرءُ من رجلٍ تهامِي (١)
ولَا يجر، نحو:(أنت أعلى منزلًا)، و (خمسة عشر دينارًا).
فلا يقال:(أنت أعلى من منزل)، و (لَا خمسة عشر من دينار) و (لا عشرون من درهم).
بخلاف:(خمسة عشر من الدَّراهم)، و (عشرين من الدَّراهم)؛ لأنَّ التّمييز محذوف، والتقدير: درهمًا من الدراهم.
واقتضَى كلامه: أن المحول عن المفعول يجوز جره بـ (من)؛ كـ (غرست الأرض
(١) التخريج: عجز بيت من الوافر، وصدره: تخيَّرَهُ فلَم يَعدِلْ سِوَاهُ وهو لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شمعوب الليثي في الدرر ٥/ ٢١١، وشرح التصريح ١/ ٣٩٩، ٢/ ٩٦، وشرح المفصل ٧/ ١٣ والمقاصد النحوية ٣/ ٢٢٧، ٤/ ١٤، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩/ ٣٩٥، والمقرب ١/ ٦٩، وهمع الهوامع ٢/ ٨٦. اللغة: تخيره: اصطفاه. يعدل: يسوي. تهامي: منسوب إلى تهامة، وهي بلاد شمال الحجاز. المعنى: يقول راثيًا هشام بن المغيرة: إن الموت قد اصطفاه ولم يسو بينه وبين غيره من الناس، ولنعم هذا التهامي من رجل كامل الصفات. الإعراب: تخيره: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، والهاء ضمير في محل نصب مفعول به. ولم: الواو حرف عطف، لم: حرف جزم. يعدل: فعل مضارع مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. سواه: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. فنعم: الفاء حرف استئناف، نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. المرء: فاعل مرفوع. من: حرف جر زائد. رجل: اسم مجرور الفظا منصوب محلًا علَى أنه تمييز. تهامي: نعت رجل مجرور. وجملة (تخيره): ابتدائية لا محل لها من الإعراب: وجملة (لم يعدل): معطوفة علَى الجملة السابقة. وجملة (نعم المرء): استئنافية لا محل لها من الإعراب. الشاهد: قوله: (من رجل)، إذ جاء تمييزًا، وهو فاعل في المعنى، ولكنه لما كان غير محول عن الفاعل .. جاز فيه الجر بمِن.