الحديبية مع رسول الله ﷺ ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا تُرْويها [١]، فقعد رسول الله ﷺ علي جَبَاها -يعني الرّكي- فإما دعا وإما بَصَق [٢] فيها، فجاشت فسقينا واستقينا. قال: ثم إن رسول الله ﷺ دعا إلي البيعة في أصل الشجرة، فبايعتُه أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط الناس قال [ﷺ:"بايعني يا سلمة". قال: قلت: يا رسول الله، قد بايعتك في أول الناس] [٣]. قال:"وأيضًا". قال [٤]: ورآني رسول الله، ﷺ، عَزِلًا فأعطاني حجفة -أو دَرَقَة- ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال ﷺ:"ألا تبايع يا سلمة؟ ". قال: قلت: يا رسول الله؛ قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم. قال:"وأيضًا". فبايعته الثالثة، فقال:"يا سلمة؛ أين حَجَفَتك أو دَرَقَتك التي أعطيتك؟ ". قال: قلت: يا رسول الله؛ لقيني عامر عزلًا فأعطيتها أياه، فضحك رسول الله ﷺ ثم قال:"إنك كالذي قال الأول: اللهم؛ أبغني حبيبًا هو أحب إليّ من نفسي"، قال: ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح حتى مشي بعضنا في بعض فاصطلحنا. قال: وكنت خادمًا لطلحة بن عُبَيد الله ﵁ أسقي فرسه وأحُسّهُ [٥] وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مُهَاجرًا إلى الله ورسوله. فلما اصطلحنا نحن وأهلُ مكة، واختلط بعضنا ببعض، أتيت شجرة فَكَسَحْتُ [٦] شوكها [٧]، ثم اضطجعت في أصلها في ظلها، فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله ﷺ فأبغضتهم، وتحولت إلي [٨] شجرة أخرى فَعلّقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادي مناد من أسفل الوادي:[يا للمهاجرين][٩]، قُتل ابن زُنَيم. فاخترطت سيفي فشددت علي أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته ضغثًا في يدي، ثم قلت: والذي كَرّم وجهَ محمد ﷺ لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه. قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلي رسول الله ﷺ. قال: وجاء عمي عامر برجُل من العَبَلات يقال له: "مكرَز [١٠] " من المشركين يقوده، حتى وقفنا بهم علي رسول الله ﷺ في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله ﷺ وقال:"دعوهم يكن لهم بَدْءُ الفجور وثنَاه". فعفا عنهم رسول الله صلي
[١]- في ز، خ: يرونها. [٢]- في ز: بسق. [٣]- ما بين المعكوفين سقط من ز، خ. [٤]- سقط من ز، خ. [٥]- في ز، خ: وأجنبه. [٦]- في ز، خ: فكشحت. [٧]- في خ: بشوكها. [٨]- سقط من خ. [٩]- في خ: "يا آل المهاجرين". [١٠]- في ز، خ: مشكور.