البراء؛ قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعدّ الفتح بيعةَ الرضوان يوم الحديبية، كنا معَ رسول الله ﷺ أربع عَشرةَ مائة، والحديبيةُ [بئر، فنزحناها فلم نَتْرُكْ [١]] [٢] فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ، ثم تمضمض ودعا، ثم صَبَّه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدَرَتنَا ما شئنا نحن وركائبنا.
وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا أبو [٣] نوح، حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب؛ قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، قال [٤]: فسألته عن شيء -ثلاث مرات- فلم يرد علي، قال: فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا بن الخطاب نَزَرْتَ رسول الله ﷺ ثلاث مرات فلم يرد عليك [٥]؟ قال: فركبت راحلتي فتقدمت مخافة أن يكون نزل [٦] فيّ شيء، قال: فإذا أنا بمناد ينادي [٧]: يا عمر، [أين عمر][٨]؟. قال: فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيّ شيء، قال: فقال النبي ﷺ: "نزلت علي الليلة [٩] سورة هي أحب إليّ من الدنيا وما فيها: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾.
ورواه البخاري، والترمذي، والنسائي، من طرق عن مالك ﵀.
وقال علي بن المديني: هذا إسناد مديني لم نجده إلا عندهم.
وقال الإمام أحمد (٤): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك ﵁ قال: نزلت على النبي ﷺ: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر﴾ مَرجِعَه من الحديبية. قال النبي ﷺ: "لقد أنزلت
(٣) - المسند (١/ ٣١) (٢٠٩)، وأخرجه البخاري في المغازي، باب: غزوة الحديبية حديث (٤١٧٧)، وأطرافه في (٤٨٣٣، ٥٠١٢)، والترمذي في تفسير القرآن، باب: ومن سورة الفتح، حديث (٣٢٦٤)، والنسائي في التفسير (٥١٩) من طريق مالك به. (٤) - المسند (٣/ ١٩٧)، وأخرجه الترمذي في تفسير القرآن، باب: "ومن سورة الفتح"، =